طلاق السياسيين ... نزوات وفضائح ومعارك

الحبيب بورقيبة ... ووسيلة طلاق من أكبر معارضة للرئيس / 6

1 يناير 1970 10:58 م
|القاهرة - من أغاريد مصطفى|
يتساءل البعض: «لماذا يقع الطلاق رغم أن الزواج تم في أغلب الأحيان... بعد قصص حب جميلة وطويلة وأيضا يسأل الناس: لماذا حالات طلاق المشاهير، هي التي يتم إلقاء الضوء عليها بصورة أكبر.. وخاصة بين السياسيين؟».
سؤالان.. في حاجة إلى إجابة... قد نجدها ونحن نقلب في قصص غرام، وحكايات طلاق وفراق الساسة «ملوك ورؤساء وأمراء ورؤساء حكومات وأحزاب»، أو غير ذلك.
وعموما قرار الطلاق يحمل قدرا من الشجاعة في مواجهة النفس ومواجهة الواقع والحياة، فإذا انتهى الحب أو استحالت العشرة... فلماذا يستمر الناس في علاقات زائفة لإرضاء المجتمع، أو حتى لتحاشي القيل والقال.
وهناك من الأمثلة الكثير في هذا الشأن... فطلاق الأمير تشارلز والأميرة الجميلة الراحلة ديانا. أثار لدى العامة والخاصة حالة هائلة من الدهشة والانزعاج، وخاصة عند الذين تابعوا مراسم زفافهما الأسطوري، الذي قيل عنه إنه زفاف القرن العشرين فهؤلاء أنفسهم قد تملكتهم الدهشة، وضربوا كفا بكف أيضا، وهم يتابعون حفل زفاف الأمير تشارلز وعشيقته السابقة «كاميللا».
وهناك أيضا قصة طلاق الملك فاروق والملكة فريدة، التي جاءت بعد قصة حب جميلة ما أثار تساؤلات الناس وقتها حول أسباب الطلاق، فالبعض أرجع ذلك لرغبة فاروق في إنجاب طفل ذكر- ولي عهد- والبعض، أرجع ذلك لكراهية فريدة لحياة القصر وما يحدث فيه من مفاسد، وعدم قدرتها على احتمال حياة المجون والعبث التي كان يحياها الملك فاروق، بينما راح البعض يؤكد أن الخيانة الزوجية كانت سببا في الطلاق وأن الملك اكتشف علاقة غرامية بين فريدة وأحد النبلاء.
وبالرغم من أن الملوك ورجال السياسة قد يضطرون أحيانا لاحتمال حياة زوجية خربة وفاسدة. لتجنب الفضيحة والأزمات السياسية والديبلوماسية، وللحفاظ على صورتهم وسمعتهم أمام الرأي العام، ومع ذلك فبعضهم يفضل الطلاق على الاستمرار في علاقة كاذبة.
فهناك عدد كبير من رجال السياسة الذين قرروا الانفصال والطلاق بدلا من حياة غير مستقرة تتخللها العديد من المشاكل وغياب التفاهم، ومن الأمثلة الكثير فهناك طلاق أشهر سجين سياسي «نيلسون مانديلا» والرئيس المصري الراحل أنور السادات الذي انفصل عن زوجته ليتزوج من جيهان السادات.
والأمر هنا لا يقتصر على الساسة العرب وحدهم، ولكن أيضا الساسة في أوروبا وأميركا، وأماكن أخرى حجزوا أماكن مهمة في الصفوف الأولى لحفلات الطلاق، ولعل أشهر هذه الحفلات وأقربها طلاق الرئيس الفرنسى ساركوزى من زوجته سيسيلا ليتزوج من عارضة الأزياء كارلا، فى خطوة فاجأت الجميع.
وطلب زوجة رئيس الحكومة الإيطالية برلسكوني، الفراق، من كثرة غرامياته ونزواته.
طلاق السياسيين... يحمل مفارقات ومفاجآت... وفضائح وغراميات وأشياء أخرى... في السطور التالية تفاصيلها:
 
الحبيب بورقيبة أول رئيس للجمهورية التونسية حيث نالت تونس استقلالها في 20 مارس 1956 وتم إعلان الجمهورية في 25 يوليو 1957 برئاسة الحبيب بورقيبة، وظل يحكم البلاد حتى تاريخ تنحيته من قبل الرئيس الحالي زين العابدين بن علي في السابع من نوفمبر 1987... لظروف مرضه الشديد.
ولد في 3 أغسطس من العام 1900 وسجل «رسميا بحسب مصادر تونسية 1903» في حيّ الطرابلسية بمدينة المنستير الساحلية، وهو من عائلة من الطبقة المتوسطة، أبوه كان ضابطا متقاعدا في حرس الباي، وكان أصغر 8 إخوة وأخوات، تلقى تعليمه الثانوي بالمعهد الصادقي، ثم معهد كارنو بتونس، ثم توجه إلى باريس سنة 1924 بعد حصوله على الثانوية وانخرط في كلية الحقوق والعلوم السياسية وحصل على الإجازة في سنة 1927، وعاد إلى تونس ليشتغل بالمحاماة.
تزوج «الحبيب بورقيبة» للمرة الأولى من الفرنسية ماتيلدا، وكانت تبلغ من العمر عندما تعرفت عليه 36 عاما، وكانت أرملة أحد الضباط الفرنسيين الذين ماتوا في الحرب العالمية الأولى، كانت تكبره بنحو 12 سنة، و هي التي أنجبت له ابنه الوحيد «الحبيب بورقيبة الابن»، وطلقا بعد 22 عاما من الزواج، وذلك حسب ما ذكر موقع ويكبيديا.
وتزوج للمرة الثانية من «وسيلة بن عمار» رسميا في 12 أبريل العام 1962، وهي تونسية «الأصل والمولد والجنسية»، في احتفال كبير بقصر المرسى، وهي ثائرة تونسية قادت عددا من عمليات النضال الوطني ضد الاستعمار، حتى ألقي القبض عليها العام 1948 وسجنت. وتعرف عليها في القاهرة حيث عاش بورقيبة في إحدى الشقق في شارع نوال في ضاحية الدقي بالجيزة.
طلاق وسيلة
سارت الحياة بينهما مليئة بالأحداث والمطبات، حتى تم الطلاق بينهما.
وهنا أكد البشير خنتوش - أحد أبرز المحامين التونسيين - احترام الرئيس لكل الإجراءات القانونية عند طلاقه من وسيلة. كان واضحا، مشيرا إلى أن ما ذكر عكس ذلك عار من الصحة، عندما قال بورقيبة: «أكبر المعارضين موجود في فراشي».
الطلاق
وفي إطار الحلقة الثانية من سيمينار «الذاكرة الوطنية الخاص بالشهادة التاريخية للأستاذ البشير خنتوش» تم الكشف عن حقائق مهمة بخصوص ملف طلاق الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة من وسيلة بن عمّار، حقائق أوضحت التزام المعنى باحترام كل الإجراءات القانونية عند طلب الطلاق.
وبدأ الأستاذ خنتوش، شهادته بالقول: «من العيب المساس بسمعة بورقيبة في خصوص قضية خاصة وشخصية...». وأضاف: «ما قاله الطاهر بلخوجة من أن طلاق بورقيبة تم بمجرد بلاغ من رئاسة الجمهورية وما ذكره محمد مزالي من أن بورقيبة طلّق وسيلة حينما كانت بأميركا، عار من الصحة، وأشار في هذا الصدد قائلا: «من يهون عليه تزييف ما نعرفه من الأحداث والوقائع يهون عليه تزييف ما لا نعرفه».
وأفاد الخنتوش أنه هو المحامي الذي كلّفه الرئيس بورقيبة بتقديم قضية الطلاق من وسيلة وقال إنها القضية رقم 18870 وأن أول جلسة كانت يوم 16 جويليه 1986 وأن صدور الحكم تم يوم 11 أوت 1986 .
وأضاف: «الشاهد التاريخي» أن منصور السخيري وسعيدة ساسي. اتصلا به وطلبا منهم تقديم قضية طلاق الرئيس بورقيبة من وسيلة، وأكدا له أن هذه هي رغبة بورقيبة، وأنه يرغب فيه شخصيا لكي يأخذ هذا الملف.
وقال الخنتوش: قلتُ لهم: لا أقبل قضية بهذا الشكل، وأرفض هذه الطريقة في «طلب الطلاق بالوكالة» لأنها ليست قانونية... ورغم محاولتهما معي لأكثر من سنة لإقناعي فقد تمسّكت بموقفي.
ولما علم السخيري وسعيدة بورقيبة بالأمر استدعاني، وقال عند بداية اللقاء: تريد رؤية حريفك.... أليس كذلك...
وشاطرني الرأي، وقال لي: «قُم بالإجراءات التي يقول بها القانون».
فقلت له: أي نوع من الطلاق تريد.... للضرر أو إنشاء «...» فقال: «لا للضرر ولا حاجة لي بدفع الغرامة... ثم أنا متضرر فهناك تصريحات ضدّي من وسيلة في مجلة «جون أفريك»، وهناك استعمال لصلاحياتها ووضعيتها كزوجة للرئيس للإثراء.
وأضاف خنتوش: هناك قائمة في أقرباء وسيلة الذين أثروا بصفة غير شرعية، كما أن هناك تسجيلات «تنتقد» فيها وسيلة - بورقيبة وتمسّه في عديد الحالات.
وقال خنتوش: مما قاله بورقيبة إنه فتح ذات يوم إحدى خزائن وسيلة المخصصة للأحذية، فوجد عددا كبيرا منها ومن أرقى الاصناف والنوعية فقال لها: هل فتحت لي معملا؟
وأفاد خنتوش أن بورقيبة قد فطن إلى تسجيل لوسيلة لا يليق حتى بالعلاقة الزوجية.
وأضاف: إنه سأل بورقيبة: تقوم بالتسجيل؟
فقال: «نعم يفعلون ذلك.... هذا أمر غير مستغرب».
وأكد المحامي خنتوش أن الأسباب الموضوعية للطلاق، كانت موجودة وتم ضبط كل ذلك في عريضة الدعوى المقدمة للمحكمة.
وانتهى خنتوش إلى أنه سأل بورقيبة، عمّا إذا كان أحبّ وسيلة.
فأجاب بعد أن سكت لفترة: «فعلا لقد أحببتها».
وأضاف خنتوش: إن وسيلة كانت تقول إنها أحبّت في بورقيبة «الزعيم» فقط.
تأكيدات وكلمات
وتأكيدا لنظافة يديه، قال بورقيبة العام 1988: سأكرّس بقية حياتي لمقاومة الفساد.
نوّه المحامي بشير خنتوش بنظافة يد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة وقال: إنه لا اختلاف في ذلك الأمر.
وقال: إن العديدين قاوموا وكافحوا من أجل مقاومة الفساد في فترة الحكم البورقيبي وقال: «من العيب ومن غير الوطنية أن تأتي فئات معيّنة لتستغل مواقعها بشكل سافر وعلى حساب البيئة الوطنية التي تربينا فيها.
وأشار المتحدث إلى أن الرئيس بورقيبة لم تكن له أملاك ولا عقارات ولا أرصدة مالية، وأنه خطب يوم 21 أكتوبر 1985 في اجتماع حزبي وقال: سأقضي بقية حياتي لمقاومة الفساد.
وعدّد بعض قضايا الفساد التي فُتحت بشأنها ملفات قضائية وقال: «المليارات ذهبت سدى ومن أموال المجموعة الوطنية، قروض لا تحصى ولا تعدّ دون ضمانات والبعض تسلم أموالا من البنوك بالمليارات دون حتى تقديم طلب قرض على أساس أنه قريب لوسيلة».
وأبرز تلك القضايا المتعلقة بشركة «ستيل» وتونس الجوية وقضية UIB ومن أطرف تلك المظاهر ما تمّ ذكره في قضيّة تونس الجوية من كراء منزل بمعلوم شهري يساوي 12 ألف دينار وخلاص أداء سيارة مسؤول شركة «ستيل» من أموال الشركة!
وأكد خنتوش أن كل هذه القضايا كانت موجودة ولم تكن هناك أي مظلمة على الإطلاق، لكنه استدرك ليقول إن منصف ثريا كان مظلوما وبريئا من تهم الفساد، وشدد في شهادته على نظافة يد بورقيبة أنه قال قبل وفاته: «زيتوناتي في منزل حرب أعطوهم لصندوق 26/26».
حياته السياسية
وحياة الحبيب بورقيبة السياسية مليئة بالمحطات والأحداث - حسب موقع ويكبيديا حيث انضم إلى الحزب الحر الدستوري سنة 1933 واستقال منه في نفس السنة ليؤسس في 2 مارس 1934 بقصر هلال الحزب الحر الدستوري الجديد رافقه محمود الماطري والطاهر صفر والبحري قيقة. تم اعتقاله في 3 سبتمبر 1934 لنشاطه النضالي وأُبعد إلى أقصى الجنوب التونسي ولم يفرج عنه إلا في مايو 1936.
ثم سافر إلى فرنسا وبعد سقوط حكومة الجبهة الشعبية فيها أُعتقل في 10 أبريل من العام 1938 إثر تظاهرة شعبية قمعتها الشرطة الفرنسية بوحشية في 8 و 9 أبريل 1938، ونقل بورقيبة إلى مرسيليا وبقي فيها حتى 10 ديسمبر 1942 عندما نقل إلى سجن في ليون ثم إلى حصن «سان نيكولا» حيث اكتشفته القوات الألمانية التي غزت فرنسا، فنقلته إلى نيس ثم إلى روما، ومن هناك أعيد إلى تونس حرا طليقا في 7 أبريل 1943.
وقرر الهروب إلى المنفى الاختياري إلى القاهرة في مارس 1945، وزار من هناك الولايات المتحدة قبل أن يعود إلى تونس في 8 سبتمبر 1948، وسافر من جديد إلى فرنسا سنة 1950 ليقدم مشروع إصلاحات للحكومة الفرنسية قبل أن يتنقل بين القاهرة والهند وأندونيسيا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة والمغرب قبل أن يرجع إلى تونس في العام 1952 معلنا انعدام ثقة التونسيين بفرنسا.
ولما اندلعت الثورة المسلحة التونسية العام 1952، اعتقل الزعيم الحبيب بورقيبة وزملاؤه في الحزب وتنقل بين السجون في تونس وفرنسا ثم شرعت فرنسا في التفاوض معه فعاد إلى تونس في 1 يونيو 1955 ليستقبله الشعب استقبال الأبطال ويتمكن من تحريك الجماهير، لتوقع فرنسا في 3 يونيو 1955 المعاهدة التي تمنح تونس استقلالها الداخلي.
وهي الاتفاقية التي عارضها الزعيم صالح بن يوسف واصفا إياها بأنها خطوة إلى الوراء، ما أدى إلى نشأة ما يعرف بالصراع «البورقيبي - اليوسفي» ويتهمه خصومه السياسيون بالتهاون والتخاذل ووقف. بورقيبة يخطب أمام الجماهير في بنزرت في جانفي العام 1952 في 20 مارس 1956، تم توقيع وثيقة الاستقلال التام وألف بورقيبة أول حكومة بعد الاستقلال. في 13 أوت 1956، صدرت مجلة الأحوال الشخصية التي تعتبر من أهم أعمال الزعيم بورقيبة حيث إنها تضمنت أحكاما ثورية كمنع تعدد الزوجات وجعل الطلاق بأيدي المحاكم، ولا تزال هذه المجلة تحظى إلى اليوم بسمعة تكاد تكون أسطورية.
و في 25 يوليو 1957 تم إلغاء الملكية وإعلان الجمهورية فخلع الملك محمد الأمين باي وتم اختيار الحبيب بورقيبة أول رئيس للجمهورية. وتواصلت في العهد الجمهوري أعمال استكمال السيادة فتم جلاء آخر جندي فرنسي عن التراب التونسي في 15 أكتوبر 1963 وتم جلاء المستعمرين عن الأراضي، كما تم إقرار العديد من الإجراءات لتحديث البلاد كإقرار مجانية التعليم وإجباريته وتوحيد القضاء.
في 3 مارس 1965 ألقى الرئيس الحبيب بورقيبة خطابه التاريخي في أريحا الذي دعا فيه اللاجئين الفلسطينيين إلى عدم التمسك بالعاطفة وإلى الاعتراف بقرار التقسيم لسنة 1947.
في الستينات وقع اتباع سياسة التعاضد وهي سياسة تتمثل في تجميع الأراضي الفلاحية وقد عرفت هذه السياسة فشلا دفع بالرئيس بورقيبة إلى تبني سياسة ليبرالية منذ بداية السبعينات قادها الوزير الأول «رئيس الوزراء» الهادي نويرة.